السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أواجه مشكلة مع أطفالي, لدي فتاة تبلغ من العمر 5 سنوات, وفتى يبلغ من
العمر 4 سنوات, أعاني معهم كثيرا كي أجعلهم يستجيبون لي, لكن بلا فائدة,
ومشكلتي أني لست من النوع الصبور, فإن لم يستجيبوا أغضب بسرعة, وأحيانا
ألجأ إلى ضربهم, لكني أندم بعد ضربهم.
وأيضا لا يستجيبون لي حين نخرج من المنزل, الفتاة ذكية جدا وواعية, والفتى
يحاول أن يقلد أخته, وأحاول أحيانا المسايرة فأقول له مثلا: اسمعوا كلامي
وأعطيكم شوكولا, لكنهم يسمعون كلام والدهم فقط.
أحاول دائما أن أرشدهم كيف يتصرفون لكنهم لا يصغون, أيضا يضربون بعضهم البعض ويتشاجرون كثيرا.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dalia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك –ابنتنا الكريمة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل
الله أن يعينك على الخير، وأن يُصلح لنا ولكم النيّة والذرية، وشكرًا على
الاهتمام بالسؤال.
الإنسان بحاجة فعلاً إلى معرفة بطبيعة هؤلاء الصغار وطبيعة الفترة العمرية
التي يمرون بها، وما يحدث من أطفالك –ابنتي الكريمة– أكثر من طبيعي وأكثر
من متوقع، ودائمًا علماء التربية تكلموا عن استجابة الأطفال لتعليمات
أمهاتهم، بخلاف الأمر مع الآباء، ذلك لأن الطريقة التي تُلقي بها الأم
التعليمات طريقة لا تحمل طابع الحزم أو الجدية، كما أن مسارعة الأم إلى بذل
البدائل، إلى تقديم الشكولاتة، إلى غير ذلك من الأمور، يجعل الطفل يتردد
كثيرًا، ويجعل الطفل يفاوض، وهذا ما لا نريده، لأننا نريد من الطفل أن يؤدي
الواجبات دون مقابل، لأنه إذا أدى الواجبات بمقابل فهذا أمر من الخطورة
بمكان، ولكن لا بأس من مكافئة المُجد، ونفضل دائمًا المكافئات المعنوية،
التي تنصب على العمل الجميل وليس على الطفل نفسه.
لذلك أرجو ألا تنزعجي طويلاً، ولكن نتمنى (أولاً) ونحذر من استعمال الضرب
أو الصراخ أو الشدة معه، وأرجو أن تجربي التغافل والإهمال، فإنه أنجع وأفيد
إذا كان الطفل يحاول أن يُعاند، فإننا ينبغي أن نمرر هذا العناد ولا نقف
عنده طويلاً، حتى لا يترسخ المعنى السالب في نفس الطفل.
هذه مسألة أرجو أن يكون لك اهتمام كبير بها، وأرجو أن تدركي أيضًا أن هذه
المرحلة هي طبيعة هذه السن، الفئة العمرية التي يمر بها هؤلاء الصغار، وأي
ثناء على الطفلة (مثلاً) يجعل الولد يغار، وكذلك العكس، فلا بد أن إقامة
العدل، ولا بد من إشباعهم بالاهتمام، ولا بد من وضع أنظمة واضحة للبيت
(نريد أن نفعل كذا، والممتاز يفعل كذا، وأنتم جيدون، وكذا) إلى غير ذلك،
ونحاول دائمًا نتحاشى التعليمات المباشرة، خاصة تلك التي تحتمل الإجابة بـ
(لا) أو (نعم).
وأيضًا نتجنب النبرة المرتفعة والصراخ عندما يُخطئوا؛ لأن الصراخ يقطع
تفكير الطفل، ويوصل للطفل رسالة أن الأم لا تُحبه، وهذا قطعًا لا تريده
الأم، لكن هذه هي الرسالة التي تصل، والضرب له آثار خطيرة، ولا يجوز ضرب
الأطفال في هذه السن, قيل للإمام أحمد: أيُضْربُ الصبيان؟ قال: (على قدر
ذنوبهم إذا بلغوا عشرًا) وفق شروط كثيرة جدًّا عدَّها العلماء.
ولذلك أرجو تجنب استخدام هذه الوسيلة، وتجنب إظهار أيضًا الندم بعد
العقوبة، لأن هذا أيضًا يُشعرهم بأنهم مظلومين، وبأنهم مساكين، وبأن الأم
كانت مخطئة، وهذا في حد ذاته شعور لا نريد أن يكون عندهم، فإذا أخطأ المربي
في العقوبة فلا ينبغي أن تبكي الأم وتعتذر وتندم –إلى آخره– لأنها تفرغ
العقوبة رغم أنها كانت خطأ من مضامينها ومن معناها، ولذلك هذا ما أرجو أن
تنتبهي له.
كما أرجو أن يكون لكم خطة موحدة -أنت ووالد الأطفال– في التربية، لا يأتي
الأب يقول (يمين) والأم تقول (يسار) أو الأم تشتد والأب يُدلل، لا بد أن
يكون الخط واحدًا، فإذا نهت الأم عن أمر الأب يقول أيضًا (أنا أحبكم ولا
أحب هذا، اسمعوا كلام أمكم) وهي تقول (اسمعوا كلام الأب)، وبهذه الطريقة.
ونتمنى أن تحاولي الدخول إلى دورات تربوية تتعلمي فيها خصائص الفئات
العمرية، لأنك ولله الحمد في بدايات الحياة، وتستطيعين أن تُدركي الكثير من
الأشياء، فأرجو أن تهتمي بهذا الجانب، بالقراءة في الجانب التربوي،
وتستطيعين أيضًا من خلال الموقع أن تدخلي على دورة اسمها (قواعد السعادة
الأسرية) موجودة على هذا الموقع، ونشكر لك اختيار الموقع، وستجدي هناك بعض
التوجيهات الهامة، وأرجو كذلك أن تتعمقي أكثر في معرفة خصائص هذه الفئة،
فمثلاً أربع سنوات سيكون عنده كثير من الأسئلة، وستخرج منه بعض الألفاظ،
وسيكون ميّالاً إلى المحاكاة، خاصة مع وجود هذه البنت.
خمس سنوات هذه يسمونها (سن التمحور/التمركز حول الأم) وهذا ما ظهر لك على
أنه ذكاء، وأيضًا هذه المرحلة –خمس سنوات– دائمًا يكون فيها الطفل يبدأ
عنده روح الأنانية، يعني الميل لاكتساب كل الألعاب عنده، فلا تشتدي عليها،
فهذه طبيعة مرحلة عمرية.
هذه السن أيضًا أنت بحاجة فيها إلى توفير إشباع عاطفي لكلا الطفلين، خاصة
الطفل الأصغر، وحتى لا يشعر أن الأولى مميزة وأنكم تُثنون على ذكائها.
وأرجو أن تخصصي لكل واحد منهم وقتا، ونتمنى أن يكون للأب أيضًا دور في أخذ
الطفل أحيانًا معه، حتى يخلو الجو للبُنيّة في داخل البيت، ولا مانع من أن
يأخذ البنت أحيانًا أخرى، ولكن الذي يأتي بالاحتكاكات هو هذا الوجود الدائم
بينهم.
كذلك أيضًا ينبغي أن تجتهدي في الاهتمام بالعدل بينهما، وهذا مبدأ شرعي، فينبغي أن يشعروا بالعدل.
أرجو ألا تنزعجي ولا تُظهري عجزك عن تربيتهم، أو أنك تعبت منهم، لأن هذا
يزيد الحالة سوءً, كذلك عندما يتشاجرون أرجو ألا تنفعلي، فالشجار مفيد
بالنسبة لهم، ولكن عند الشجار لا بد أن نفرق بينهم، ثم بعد ذلك نعطي وظيفة،
نقول للبنت (روحي المطبخ هاتي كذا) ونقول للولد (انظر المجلس، انظر هل
هناك أحد على الباب) ثم بعد ذلك أبدأُ أحاورهم وأقول للبنت (أخوك يحبك) آتي
بها وأقول لها وحدها: (هذا أخوك يحبك، وهو أخوك الأصغر) ثم آتي للأخ
الأصغر فأقول: (هذه أختك تحبك، وأنت لا بد أن تحبها وهي أكبر منك) وهكذا.
ثم بعد ذلك أحاول أن أفهم منهم ما هو سبب الشجار، ثم بعد ذلك نشترك في
أنشطة مفيدة، (ننظف الحجرة، نجمع الأوراق المبعثرة) نشركهم في أشياء تشغلهم
عن الشجار الزائد فيما بينهم.
المهم التربية تحتاج إلى حضور فاعل، ونعتقد أن تواصلك مع الموقع والسؤال هو
البداية الصحيحة، ونتمنى أن تتواصلي بالموقع حتى نتعاون معك في شرح ما
تحتاجه الفئات العمرية، ويفضل طرح مشكلات عملية حتى نستطيع أن نصل إلى
قواعد تساعدك في تربية أبنائك.
ونسأل الله أن يصلح لنا ولك النية والذرية.